للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمرو بن عوف بقباء، قال لها: هذا زوجك في هذه القرية، ثم انصرف راجعًا إلى مكة، فكانت تُثني عليه ثناءً حسنًا.

وإنما تقدّمت هجرة أبي سَلَمة إلى المدينة على غيره؛ لأنه لمّا قدم من الحبشة إلى مكّة، آذاه أهلها، فأراد الرجوع إلى الحبشة، فلمّا بلغه إسلام من أسلم من الأنصار؛ أي: الذين بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - البيعةَ الأولى، وكانوا اثني عشر، خرج إليهم وقدِم المدينة بكرة النهار، وقد قيل: إن أبا سَلَمة - رضي الله عنه - أول من يأخذ كتابه بيمينه في الموقف (١).

ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم حبيبة ولغيرها: (فلا تَعْرِضْنَ) -بفتح أوله وسكون العين المهملة وكسر الراء بعدها ضاد معجمة ساكنة فنون- على صيغة الخطاب لجماعة النساء، أو -بكسر المعجمة وتشديد النون- خطاب أم حبيبة وحدها، والأول أوجه كما في "الفتح".

وقال ابن التين: ضبط -بضم الضاد-، قال ابن حجر: ولا أعلم له وجهًا؛ لأنه إن كان الخطاب لجماعة النساء، وهو الأبين، فهو بسكون الضاد، ولأنه فعلٌ مستقل مبني على أصله، ولو أدخلتَ عليه التأكيد، فشدَّدتَ النون، لكان لتعرضنان عليَّ؛ لأنه يجتمع ثلاث نونات، فيفرق بينهن بألف، وإن كان لأم حبيبة، فعلى صيغة ما تقدم (٢).

وقال القرطبي: جاء بلفظ الجمع، وإن كانت القصة لاثنتين، وهما أم حبيبة وأم سَلَمة، ردعًا وزجرًا أن تعود واحدة منهما أو من غيرهما إلى مثل ذلك (٣).


(١) وانظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣١٥).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٤٤).
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>