للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عن أبي هريرة) عبدِ الرحمن بنِ صخر (- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يُجمع بين المرأة وعمتها)، في النكاح، وهو -بالرفع- خبرٌ بمعنى النّهي، وسواء جمعهما في عقدٍ واحدٍ، أو تزوّج واحدة بعد واحدة، لكن إذا كانا في عقدٍ واحد، فالعقد باطلٌ فيهما جميعًا، وإذا كان مرتبًا، فالباطل الثّاني فقط (١)، (ولا) يجمع (بين المرأة وخالتها) كذلك، وهو من التحريم المؤبَّد على الاجتماع دون الانفراد، وتحريمه يختصّ بالرجاله، لاستحالة إباحة جمع المرأة بين زوجين، فكلّ امرأتين بينهما رحمٌ محرم يحرم الجمع بينهما، بحيث لو كان أحدهما ذكرًا لم يجز له الزواج بالأخرى، فإنه يحرم الجمع بينهما بعقد النكاح (٢).

قال: الشعبي: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يقولون: لا يجمع الرجل بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلًا لم يصلح له أن يتزوجها (٣)، وهذا إذا كان التحريم لأجل النسب، وبذلك فسّره سفيان الثوري وأكثر العلماء، فلو كان لغير، نسب مثل أن يجمع بين زوجة رجل وابنته من غيرها، فإنه يباح عند عامّة العلماء، وكرهه بعض السلف (٤)، وفي لفظٍ عن أبي هريرة عندهما: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُنكح المرأة على بنت الأخ، ولا ابنة الأخت على خالة" (٥)، وفي لفظٍ آخر: "لا تُنكح المرأة على عمّتها، ولا على خالتها" أخرج البخاري هذا من حديث جابر (٦)، ومن


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٣٢).
(٢) انظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣/ ٥٣٩).
(٣) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٠٧٦٨).
(٤) انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ٤١١).
(٥) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٤٠٨/ ٣٥).
(٦) رواه البخاري (٤٨١٩)، كتاب: النكاح، باب: لا تنكح المرأة على عمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>