للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد وقع في رواية الأوزاعي عن يحيى في هذا الحديث عند ابن المنذر والدارمي والدارقطني: "لا تنكح الثيّب (حىَ تستأمر) (١) أصل الاستئمار: طلب الأمر، فالمعنى: إلا بطلب الأمر منها.

ويؤخذ منه: أنه لا يُعقد عليها إلا بعد أن تأمر بذلك، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها، بل فيه إشعار باشتراطه.

وفي رواية عند ابن المنذر: "الثيّب تُشاور" (٢)، (ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن) كذا وقع التفرقة بين الثيّب والبكر، فعبّر للثيّب بالاستئمار، وللبكر بالاستئذان، فيؤخذ منه الفرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكد المشاورة، وجعل الأمر إلى المستأمرة، ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرّحت بمنعه، امتنع اتفاقًا.

والحاصل: أنه لا بدّ في طرف الثيّب من صريح القول، بخلاف البكر (٣).

قال علماؤنا: إذنُ الثيب الكلامُ، قالوا: وهي من وُطئت في القُبل بآلة الرجال، ولو بزنًا، وحيث حكمنا بالثيوبة، وعادت البكارة، لم يزل حكمُ الثيوبة، وأما إذن البكر، فالصمات (٤)، ولهذا لمَّا (قالوا: يا رسول الله!)، وفي رواية: قلنا: يا رسول الله! وحديث عائشة - رضي الله عنها - صريح في أما هي السائلة عن ذلك (وكيف إذنها) في حديث عائشة: قلت: إن البكر تستحي (قال) - صلى الله عليه وسلم - مجيبًا لهم عن سؤالهم: (إذنُها أن تسكتَ)، وفي حديث


(١) رواه الدارقطني في "سننه" (٣/ ٢٣٨).
(٢) قلت: هذه الرواية قد رواها الإمام أحمد في "مسنده" (٢/ ٢٢٩).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٩٢).
(٤) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٣/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>