للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سعيد بن المسيب، فإنّه قال: يقول الناس: لا تحل للأول حتى يجامعها الثاني، وأنا أقول: إذا تزوجها تزويجًا صحيحًا، لا يريد بذلك إحلالها للأول، فلا بأس أن يتزوجها.

وقال ابن المنذر: وهذا القول لا نعلم أحدًا وافقه عليه إلا طائفة من الخوارج، ولعله لم يبلغه الحديث، فأخذ بظاهر القرآن.

وحكى الإمام الحافظ ابن الجوزي عن داود: أنه وافق سعيدَ بن المسيب على ذلك.

قال القرطبي: ويستفاد من الحديث على قول الجمهور: أن الحكم يتعلق بأقل ما يطلق عليه الاسم (١)، خلافًا لمن قال: لابد من حصول جميعه، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى تذوقي عسيلته" إلخ إشعارٌ بإمكان ذلك، لكن قولها: ليس معه إلا مثل هذه الهدبة ظاهر في تعذر الجماع المشترط.

وأجاب الكرماني: بأن مرادها بالهدبة: التشبيه بها في الدقة والرقة، لا في الرخاوة وعدم الحركة، واستبعد ما قاله، وسياقه الخبر يعطي بأنها شَكَتْ منه عدم الانتشار، ولا يمنع من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى تذوقي عسيلته"؛ لأنه علقه على الإمكان، وهو جائز الوقوع، فكأنه قال: اصبري حتى يتأتى منه ذلك، واستدل بإطلاق وجود الذوق منهما اشتراط علم الزوجين به، حتى لو وطئها نائمة، أو مغمًى عليها، لم يكف، ولو أنزل هو.

وبالغ ابن المنذر، فنقله عن جميع الفقهاء، وتُعُقِّب.


(١) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ٢٣٤ - ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>