للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عبّروا بها، فدلّ على أن كل لفظ منها يقوم مقام الآخر عند ذلك الإمام، وهذا لا يكفي في الاحتجاج لجواز انعقاد النكاح بكل لفظة منها.

وقد ذهب جمهور من العلماء إلى أن النكاح ينعقد بكل لفظ يدل عليه، وهو قول الحنفية، والمالكية، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقد اختلف الترجيح في مذهبه - رضي الله عنه -، فأكثر نصوصه تدل على موافقة أبي حنيفة، ومالك، والجمهور (١).

قال في "الفروع": ذكر ابن عقيل عن بعضهم: أنه خرج صحته بكل لفظ يقتضي التمليك، وخرجه هو في "عمد الأدلة" من جعلِه عتقَ أمتِه مهرَها.

قال: وقال شيخنا- يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه-: ينعقد بما عده الناس نكاحًا بأي لغة ولفظ وفعل كان، وإن مثله كل عقد، وإن الشرط بين الناس ما عدوه شرطًا فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع، وتارة باللغة، وتارة بالعرف، وكذلك العقود (٢).

قلت: الذي استقر عليه المذهب: اعتبارُ الإيجاب والقبول، فلا ينعقد النكاح إلا بهما مرتبين، الإيجاب أولًا، وهو اللفظ الصادر من قبل الولي، أو من يقوم مقامه، فالقَبولُ بعده، وهو اللفظ الصادر من قبل الزوج، أو من يقوم مقامه، ولا يصح إيجاب ممّن يحسن العربية إلا بلفظ: أنكحت، أو زوجت، ولمن يملكها، أو يملك بعضها، وبعضُها الآخر حر: أعتقها وجعلت عتقها صداقها، ونحوه، ولا يصح قَبولٌ لمن يحسن العربية إلا قبلت تزويجها ونكاحها، أو قبلت هذا النكاح، أو هذا التزويج، أو تزوجت، أو رضيت هذا النكاح، أو قبلت فقط، أو تزوجت.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٢١٤ - ٢١٥).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٥/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>