وأسلم عبد الرحمن - رضي الله عنه - قديمًا على يد أبي بكرٍ الصديق - رضي الله عنه -، وهاجر إلى الحبشة الهجرتين، وشهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وثبت يوم أحد، وصلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلفه في غزوة تبوك، وأَتَمَّ ما فاته، كان نحيلًا رقيقَ البشرة أبيضَ مشربًا حمرة ضخمَ الكفين أقنى، وقيل: كان ساقط الثنيتين أعرجَ، أُصيب يوم أحد، وجرح عشرين جراحة أو أكثر، فأصابه بعضُها في رجله، فعرج.
ولد بعد عام الفيل بعشر سنين، وبعثه - صلى الله عليه وسلم - إلى دومة الجندل، وعَمَّمه بيده، وسدلَها بين كتفيه، وقال له:"إن فتح الله عليك، فتزوَّجْ بنتَ ملكهم وعريفهم"، فتزوجَ بنتَ شريفهم، وهي تُمَاضِرُ بنتُ الأصبغ بنِ ثعلبة بنِ ضمضم، فولدت له أبا سلمةَ الفقيهَ، وهي أول كلبية نكحها قرشيٌّ، وكان الأصبغُ بنُ ثعلبةَ شريفَهم، وكان زواجُ عبد الرّحمن - رضي الله عنه - على تُماضِرَ بنتِ الأصبغِ الكلبيةِ في شعبانَ سنة سِتٍّ من الهجرة، فأسلم ناس كثير، منهم الأصبغُ، وتُماضِرُ -بضم التاء المثناة فوق وبالضاد المعجمة-، والأَصْبَغ بسكون الصاد المهملة وفتح الموحدة، فغين معجمة-، وكان عبد الرحمن - رضي الله عنه - طلقها في مرض موته طلقةً واحدة، وهي آخر طلاقها، يعني: تمام الثلاث، فورَّثَها عثمانُ - رضي الله عنه -، وقصتها في ذلك مشهورة، وتُوفي عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع، وله اثنتان وسبعون سنة، وقيل: خمس وسبعون سنة، وقيل: ثمانٍ وسبعون سنة، ويلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كلابِ بنِ مرة، وتزوج - رضي الله عنه - ثلاث عشرة امرأة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.