للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالسؤال عن ذلك، لاحتمال أن يكون عرف حكم الطلاق في الحيض، وأنه منهي عنه، ولم يعرف ماذا يصنع من وقع له مثل ذلك، كما في "الفتح" (١).

وقال ابن دقيق العيد: وتغيظُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إمّا لأن المعنى الذي يقتضي المنع كان ظاهرًا، فكان مقتضى الحال التثبت في ذلك، أو لأنه كان مقتضى الحال مشاورة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك إذا عزم عليه (٢)، (ثمّ قال) - عليه الصلاة والسلام -: (ليراجعْها)، وفي رواية مرة: "فليراجعها" (٣).

قال ابن دقيق العيد: تتعلق به مسألة أصولية، وهي أن الأمر بالأمر بالشيء، هل هو أمر بذلك الشيء، أو لا؟ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مره"، فأمر بأن يأمره (٤).

قلت: الذي جزم به علماؤنا، منهم: صاحب "مختصر التحرير" للعلامة ابن النجار في "شرحه" (٥): إنه ليس بأمر بذلك الشيء، وعبارته: وأمرٌ من الشارع بأمرٍ لآخر ليس أمرًا به؛ أي: بذلك الشيء عندنا وعند الأكثر، ومَثَّل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر عن ابنه عبد الله: "مره فليراجعها"، وقوله في: "مُروهم بها لسبع" (٦)، وقوله -تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: ١٣٢]؛ لأنه مبلغ الأمر، ولأنه لو كان أمرًا، لكان قول القائل: مُرْ عبدَكَ بكذا، مع قول السَّيِّد لعبده: لا تفعله، أمرين متناقضين.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٣٤٧).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٥٢).
(٣) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٤٩٥٣)، ومسلم برقم (١٤٧١/ ١ - ٢، ٤، ٦).
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٥٣).
(٥) تقدم التعريف بكتاب ابن النجار الفتوحي صاحب "منتهى الإرادات".
(٦) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>