للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الحافظ ابن حجر: وعندي: لا ينبغي أن يجيء فيه الخلاف الذي في قول الصحابي: أُمرنا بكذا، فإن ذلك محله حيث يكون اطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ليس صريحًا، وليس كذلك في قصة ابن عمر هذه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الآمر بالمراجعة، وهو المرشد لابن عمر فيما يفعل إذا أراد طلاقها بعد ذلك، وإذا أخبر ابن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة، كان احتمال كون الذي حسبها غير النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيدًا جدًا، مع احتفاف القرائن في هذه القصة بذلك، وقد جاء في بعض روايات الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عن طلاق ابن عمر: "هي واحدة" (١)، وهذا نص في موضع الخلاف، فيجب المصير إليه، وقد أورده بعض العلماء على ابن حزم، فأجاب بأن قوله: "هي واحدة" لعله ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فألزمه بأنه نقض أصله؛ لأن الأصل لا ينقض بالاحتمال.

قال الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري": وقد وافق ابنَ حزم على ذلك من المتأخرين ابنُ تيمية، وله كلام طويل في تقرير ذلك، والانتصارِ له، وأعظمُ ما احتجوا به: ما في أبي داود، والنسائي من حديث ابن عمر: فردّها علي، ولم يرها شيئًا، وإسناده على شرط الصحيح (٢)، وأخرج الإمامُ أحمد الحديثَ بالزيادة المذكورة (٣)، والجمهور أجابوا عن هذه الزيادة بأجوبة متعددة:

منها: أن الراوي -وهو أبو الزبير- خالف نافعًا، ونافعٌ أثبت منه.


(١) رواه الدارقطني في "سننه" (٤/ ٩).
(٢) رواه أبو داود (٢١٨٥)، كتاب: الطلاق، باب: في طلاق السنة، والنسائي (٣٣٩٢)، كتاب: الطلاق، باب: وقت الطلاق للعدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>