للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض، وتبعه النووي في قوله: "أحدكما" ردُّ على من قال من النُّحاة: إن لفظ: (أحد) لا يستعمل إلا في النفي، وعلى من قال منهم: لا يستعمل إلا في الوصف، وإنها لا توضع موضع واحد، ولا توقع موقعه، وقد أجازه المُبَرِّد، وجاء في الحديث في غير وصف ولا نفي، وبمعنى واحد (١)، انتهى.

قال الفاكهي: هذا من أعجب ما وقع للقاضي مع براعته وحذقه، فإن الذي قاله النحاة إنما هو في (أحد) التي للعموم، نحو: ما في الدار من أحد، وما جاء إليَّ من أحد، وأما أحد بمعنى واحد، فلا خلاف في استعمالها في الإثبات، نحو: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١]، وقوله: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: ٦]، ونحو "أحدكما كاذب" (٢).

(فهل منكما تائب) يحتمل أن يكون إرشادًا؛ لأنه لم يحصل منهما ولا من أحدهما اعتراف، ولأن الزوج لو أكذبَ نفسه، كانت توبته منه.

قال القاضي عياض: ظاهره: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان، فيؤخذ منه: عرضُ التوبة على المذنب، ولو بطريق الإجمال، وأنه يلزم من كذبَ التوبةُ من ذلك.

وقال الداودي: قال ذلك قبل اللعان تحذيرًا لهما منه، قال: والأول أظهر وأولى بسياق الكلام (٣).

قال في "الفتح": والذي قال الداودي أولى من جهة أخرى، وهو


(١) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٥/ ٨٦)، و"شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١٢٦).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٥٧ - ٤٥٨).
(٣) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٥/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>