للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعية الموعظة قبل الوقوع في المعصية، بل هو أحرى مما بعد الوقوع، قال. وأما سياق الكلام، فمحتمّل في رواية ابن عمر للأمرين.

وأما حديث ابن عباس، فسياقه ظاهر فيما قال الداودي، ففي رواية جرير بن حازم عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس عند الطبري، والحاكم، والبيهقي في قصة هلال بن أمية، قال: فدعاهما حين نزلت آية الملاعنة، فقال: "الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ "، فقال هلال: والله! إني لصادق، الحديث (١).

قلت: وفي حديث ابن عباس عند البخاري ما يُشعر بأنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك ما بين لعانه ولعانها، ولفظه في أثناء الحديث: فنزل جبريل -عليه السلام-، وأنزل عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦]، فقرأ حتى بلغ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩]، فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليهما، فجاء هلال فشهد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ "، ثم قامت فشهدت، الحديث (٢). وقوله: (ثلاثًا)؛ أي: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ يعني: "الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ " ثلاث مرات.

(وفي لفظ): (قال) - صلى الله عليه وسلم - للملاعن: (لا سبيل لك عليها) من جميع متعلّقات النكاح، لانقطاع علقه، وهي أيضًا لا نفقة لها عليه، ولا سكنى، كالمبتوتة وأولى؛ لأن المبتوتة له سبيل أن ينكحها في الجملة، بخلاف


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٨٣)، والحاكم في "المستدرك" (٢٨١٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٥). وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٥٨).
(٢) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٤٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>