للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطابي (١)، وتبعه القاضي عياض (٢)، والقرطبي (٣)، وغيرهما: كان أهل الجاهليّة يقتنون الولائد، ويقررون عليهنّ الضرائب، فيكتسبنَ بالفجور، وكانوا يلحقون النسب بالزناة إذا ادّعوا الولد كما في النكاح، وكانت لزمعة أمَةٌ، وكان يلمُّ بها، فظهر بها حملٌ زعم عتبة بن أبي وقاص أنه منه، وعهد إلى أخيه سعد أن يستلحقه، فخاصم فيه عبدُ بن زمعة، فقال: هو ابن أخي، على ما كان عليه الأمر في الجاهلية، وقال عبدٌ: هو أخي على ما استقر عليه الحكم في الإسلام، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم الجاهلية، وألحقه بزمعة؛ لأن عتبة لم يكن استلحقه به في الجاهلية، ولم تكن الوليدة اعترفت به أنه له قبل ذلك (٤).

قال في "الفتح": وفي حديث عائشة الذي في "البخاري" وغيره ما يؤيد أنهم كانوا يعتبرون استلحاقَ الأمِّ في صورة، وإلحاقَ القائفِ في صورة، ولفظُها على ما في "البخاري": أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فكان منها نكاحُ الناس اليوم: يخطب الرجل إلى الرجلُ وليّته أو ابنته، فيُصدقها، ثم ينكحها.

ونكاحٌ آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طَهُرت من طَمْثها: أرسلي إلى فلان، فاستبضِعي منه، ويعتزلها زوجها، ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملُها من ذلك الرجل الذي يُستبضع منه، فإذا تبين حملُها، أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبةً في نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع.


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٢٧٨).
(٢) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٦٥٢).
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ١٩٤).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>