للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام أن يتوارد عليه الخلق والأمر والشرع والقدر، ولهذا تبعه خلفاؤه الراشدون في الحكم بالقافة، فقد روى سعيد بن منصور: حدّثنا سفيان عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن عمر في امرأة وطئها رجلان في طهر، فقال القائف: قد اشتركا فيه جميعًا، فجعله بينهما (١).

قال الشعبي: وعلي يقول: هو ابنها، وهما أبواه يرثانه، ذكره سعيد -أيضًا- (٢).

وروى الأثرم بإسناده عن سعيد بن المسيب في رجلين اشتركا في طهر امرأة، فحملت فولدت غلامًا، فشبههما، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فدعا القافة، فنظروا فقالوا: نراه شبههما، فألحقه بهما، وجعله يرثهما ويرثانه (٣).

قال في "الهدي": ولا يُعرف قطُّ في الصحابة مَنْ خالف عمر وعليًا في ذلك، بل حكم عمر بذا في المدينة، وبحضرته المهاجرون والأنصار، فلم ينكره منهم منكر.

قالت الحنفية: لقد أجلبتم علينا في القافة بالخيل والرَّجِل، مع أن الحكم بالقيافة تعويل على مجرد الشبه والظن والتخمين، ومعلوم أن الشبه يوجد في الأجانب، وينتفي من الأقارب، وذكرتم قصة أسامة وزيد، ونسيتم قصة الذي ولدت امرأته غلاما أسود يخالف لونَهما، فلم يمكنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من نفيه، ولا جعل للشبه ولا لعدمه أثر، ولو كان للشبه أثر،


(١) ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٦٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٦٣).
(٢) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣١٤٦٧).
(٣) ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>