للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) أم المؤمنين (عائشةَ) الصدّيقة (- رضي الله عنها -، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ الرضاعة) المعتبرة (تحرّم ما يحرم من الولادة) أي: وتُبيح ما تُبيح، وهو بالإجماع فيما يتعلق بتحريم النكاح وتوابعه، وانتشار الحرمة بين الرضيع وأولاد المرضعة، وتنزيلهم منزلةَ الأقارب في جواز النظر والخلوة والمسافرة، ولكن لا يترتب عليه أحكام الأمومة من التوارث ووجوبِ الإنفاق والعتقِ بالملك والشهادةِ والعقلِ وإسقاطِ القصاص (١).

قال القرطبي: وقع في رواية: "ما تحرّم الولادة"، وفي رواية: "ما يحرم من النسب"، وهو دال على جواز نقل الرواية بالمعنى، قال: ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - قال اللفظين في وقتين (٢).

قال الحافظ ابن حجر: وهذا الثاني المعتمد، فإن الحديثين مختلفان في القصة والسبب والراوي، وإنما يتأتى ما قال إذا اتّحد ذلك.

وقد وقع عند الإمام أحمد من وجهٍ آخر عن عائشة - رضي الله عنه -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب من خال أو عَمٍّ أو أخ" (٣).

قال القرطبي: في الحديث دلالة على أنّ الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها، يعني: الذي وقع الإرضاع بلبن ولده منها، أو السيد، فيحرم على الصبي؛ لأنها تصير أمه وأمها؛ لأنها جدته فصاعدًا، وأختها؛ لأنها خالته، وبنت بنتها فنازلًا؛ لأنها بنتُ أخته، وبنتَ صاحب اللبن؛ لأنها أخته، وبنتَ بنته فنازلًا؛ لأنها بنتُ أخته، وأمَّه فصاعدًا؛ لأنها جدته، وأختَه؛ لأنها عمته، ولا يتعدى التحريم إلى أحد من قرابة الرضيع،


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٤١).
(٢) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ١٧٧).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٦/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>