للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو عبيد في كتاب "النكاح " بإسنادٍ حسن، وأخذ الجمهور، ومنهم الحنفية بخلاف ذلك، وعملوا براويتها ولو كان روى هذا الحكم غير عائشة، لكان لهم معذرة، لكنه لم يروه غيرها، وهدا إلزامٌ قويّ (١)، انتهى.

تنبيه: المقصود الأعظم من هذا الحديث كونُ لبن الفحل يحرّم، وهو متفق عليه بين الأئمة الأربعة، وكذا عند جمهور الأئمة، وأكثر الأمّة.

وفي "العيني": المعروف عن داود موافقة الأئمة الأربعة في ذلك، حكاه ابن حزم عنه في "المحلى" (٢)، وكذا ذهب إليه ابن حزم، انتهى (٣).

وفي الحديث: دليلٌ على أنّ من ادّعى الرضاع، وصدّقه الرضيع، ثبت حكم الرضاع بينهما ولا يحتاج إلى بَيِّنة؛ لأن أفلح ادَّعاه، وصدّقته عائشة، وأذن الشارع بمجرد ذلك، وتُعُقِّب باحتمال كون الشارع اطلع على ذلك من غير دعوى أفلح وتسليم عائشة.

واستدل به على أنّ قليل الرضاع يحرّم كما يحرّم كثيره، لعدم الاستفصال فيه ولا حجّة فيه؛ لأن عدم الذكر لا يدل على العدم المحض.

وفيه: أنّ من شك في حكم يتوقف حتى يسأل العلماء عنه، وأن من اشتبه عليه الشيء، طالب المدّعي ببيانه ليرجع إليه أحدهما، وأن العالم إذا سُئل، يُصدق من قال: الصواب فيه، لقوله - صلى الله عليه وسلم - عن أفلح: "صدق".

وفيه: وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب، ومشروعية استئذان المحرم على محرمه، وأنّ المرأة لا تأذن في بيت الرجل إلّا بإذنه.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٥١ - ١٥٢).
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (١٠/ ٤).
(٣) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>