للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإِمام النووي: وهو احتمال حسن (١)، لكنه لا يفيد ابن حزم؛ لأنه لا يكتفى في الرضاع إلا بالتقام الثدي، نعم قال النووي: إنه عني عن ذلك للحاجة، وأما ابن حزم، فاستدل بقصة سالم على جواز مسّ الأجنبي ثديَ الأجنبية والتقام ثديها إذا أراد أن يرتضع منها مطلقًا (٢).

الثاني: المعتبرُ كونُ الرضاعة في حال الطفولة؛ لأنها الحال الذي يمكن طرد الجوع فيها باللبن، بخلاف حال الكبر، وضابط ذلك بتمام الحولين -كما تقدم-، وعليه دلّ حديث ابن عباس، وحديث أم سَلَمة، وحديث جابر -كما تقدمت الإشارة إلى ذلك-، فهذه قاعدة كلّية صريحة في اعتبار الرضاع في الزمن الذي يستِغني به الرضيع عن الطعام باللبن (٣)، ويَعتضد بقوله -تعالى-: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، فإنه يدل على أن هذه أقصى مدّة الرضاع المحتاج إليه عادة، المعتبر شرعًا، وما زاد عليه، فلا يحتاج إليه عادةً، ولا يعتبر شرعًا، إذ لا حكم للنادر، وفي اعتبار إرضاع الكبير انتهاكُ حرمة المرأة بارتضاع الأجنبي، منها لاطلاعه على عورتها ولو بالتقام ثديها (٤).

وهذا مذهب الإِمام أحمد، والجمهور، كالإمام مالك، والشافعي، وبه قال أبو يوسف، ومحمد صاحبا أبي حنيفة.

وقال أبو حنيفة: المدة المعتبرة لذلك ثلاثون شهرًا.


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٣١).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٤٨).
(٣) ذكر هذه القاعدة: القرطبي في "المفهم" (٥/ ١٨٨).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>