قال ابن شهاب: الناس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم، واختاره أبو عبيد، إلا أنه قال: إن شهدت المرضعة وحدَها، وجب على الزوج مفارقةُ المرأة، ولا يجب عليه الحكمُ بذلك، وإن شهدت معها أخرى، وجب الحكمُ به، واحتجّ بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلزم عقبةَ بطلاق امرأته، بل قال:"دعها عنك".
وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادةُ المرضعة؛ لأنها شهادةٌ على فعلِ نفسِها، فأخرج أبو عبيد عن عمر والمغيرة بن شعبة، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس - رضي الله عنهم -: أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك، وقال عمر: فرّق بينهما إن جاءت بيّنة، وإلّا، فخلّ بين الرجل وامرأته إلّا أن يتنزها, ولو فتح هذا الباب، لم تشأ امرأةٌ أن تفرق بين زوجين إلّا فعلت.
وقال الشافعي: يُقبل مع ثلاث نسوة في ثبوت المحرمية، دون ثبوت الأجرة لها على ذلك.
وقال مالك: تُقبل مع أخرى.
وعن أبي حنيفة: لا تقبل في الرضاع شهادةُ النساء المتمحضات.
وعكسه الإصطخري من الشافعية.
ولا ريب أن الحديث فيه الحجّةُ الظاهرة والدلالةُ الباهرة لمذهبنا، وأجاب: من لم يقبل شهادةَ المرأة وحدها عن الحديث يحمل النهي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: فنهاه عنها، على التنزيه، ويحمل الأمر في قوله:"دَعْها عنك" على الإرشاد (١)، والله أعلم.