للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رضي الله عنهما -، (وقال) -عليه الصلاة والسلام-: (الخالةُ بمنزلةِ الأم) في الشفقة والحُنُوِّ.

وكانت هذه الخصومة والقضاء بعد أن قدموا المدينة المنورة، كما صحّ ذلك في الحديث عند الإِمام أحمد - رضي الله عنه - (١)، فلما ذكرَ جعفر - رضي الله عنه - لما ادَّعاه، مرجحين القرابةَ، وكونَ خالتِها عنده، قضى - صلى الله عليه وسلم -

أن تكون عند خالتها، فاعتبر - صلى الله عليه وسلم - مُرَجِّحَ جعفر دون مرجِّحهما، ثم طَيَّبَ قلبَ كل واحد منهما بما هو أحبُّ إليه من أخذٍ البنت بأضعافٍ مضاعفة، (و) ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - (قال لعلي) - رضي الله عنه -: (أنت مني، وأنا منك، وقال) - صلى الله عليه وسلم - (لجعفر) - رضي الله عنه -: (أشبهتَ خَلْقي) -بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام: صورتي الظاهرة (وخُلُقي) -بضمهما-: الصورة الباطنة، (وقال) -عليه الصلاة والسلام- (لـ) مولاه (زيد) بن حارثة -

رضي الله عنه -: (أنتَ أخونا) في الدين، وبالمؤاخاة، (ومولانا) بالعتق، وكأنه قال لزيد ذلك نظرًا لقوله -تعالى-: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] , وقد رواه الإِمام أحمد من حديث علي - رضي الله عنه - أيضًا، وفيه: "والجاريةُ عند خالتها، فإن الخالة [والدة] (٢) " (٣).

قال الإِمام ابن القيّم في "الهدي": وليست المؤاخاة من مقتضى الحضانة، ولكن زيدًا لَمَّا واخى حمزة، فإنّ الإخاء حينئذٍ يَثبتُ به التوارث، فظن زيدٌ بمقتضى ذلك أنه أحقُّ بها، وأما بنوة العم، فهل تستحق بها الحضانة؟ على قولين:


(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٣٠)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) في "ب": "واحدة".
(٣) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (١/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>