للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أصل خلقتها أو خضرتها وطراوتها، فإنها تسبح الله - عز وجل - حتى تجفَّ رطوبتها، أو تحول خضرتها، أو تُقْطَعَ من أصلها.

قال: فإذا خُفف عن الميت بوضعه - صلى الله عليه وسلم - الجريدةَ على قبره؛ لكونها تسبح الله، فبطريق الأولى والأحرى أن تُخَفِّفَ القُرَبُ، على اختلاف أسبابها، وإنَّ أعظمَ القُرَبِ كلامُ ربِّ العالمين الذي نزلَ به الروحُ الأمين على قلب أشرف المرسلين (١).

وقد أوصى بريدة - رضي الله عنه - أن يُجْعَلَ جريدة على قبره، ذكره البخاري (٢).

وقد استحبَّ ذلك جماعة من العلماء من أصحابنا وغيرهم، وأنكره آخرون.

وقال الإمام النووي في "شرح مسلم": ذُكر أن العلماء استحبوا القراءة؛ لخبر الجريدة؛ لأنه إذا رُجي التخفيفُ لتسبيحها، فالقراءة أولى، انتهى (٣).


(١) قال الخطابي في "معالم السنن" (١/ ١٩): وأما غرسه شِقَّ العسيب على القبر، وقوله: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"، فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل مدة بقاء النداوة فيهما حداً لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه، والله أعلم.
(٢) ذكره البخاري في "صحيحه" معلقاً بصيغة الجزم. ورواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٧/ ٨) موصولاً، عن مورق العجلي، قال: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان.
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>