للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيهات:

الأول: قال قتادة: عذابُ القبر ثلاثةُ أثلاثٍ: ثلثٌ من الغيبة، وثلثٌ من النميمة، وثلثٌ من البول، رواه الخلال (١).

وقد ذكر بعضهم السرَّ والمناسبةَ في تخصيص الغيبة والنميمة والبول بعذاب القبر: وهو أن القبر أولُ منازل الآخرة، وفيه أنموذجُ ما يقع في يوم القيامة من العقاب والثواب، والمعاصي التي يعاقَبُ عليها يوم القيامة نوعان: حقٌّ لله، وحقٌّ لعباده، وأول ما يقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاةُ، ومن حقوق العباد الدماءُ، والبرزخُ مقدمة عذاب الآخرة، فيقضى فيه في مقدمات هذين الحقين ووسائلهما؛ فمقدمة الصلاة: الطهارة من الحدث والخبث، ومقدمة الدماء: النميمة والوقيعة في الأعراض بالغيبة، وهي من أيسر أنواع الأذى، فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما، فيبدأ بالأخف فا لأخف، ويؤخر الأثقل إلى الأثقل.

نبه على هذا الحافظ ابن رجب، وتلميذُه البقاعي، والحافظُ ابنُ حجرٍ في "شرح البخاري" (٢)، والحافظُ السيوطي في "البدور السافرة" (٣)، وغيرُهم.

الثاني: قال الإمام ابن القيم في كتابه "الروح": قد أخبر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجلين اللذين رآهما يعذبان في قبورهما يمشي أحدهما بالنميمة بين الناس، ويترك الآخرُ الاستبراءَ من البول.


(١) ورواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (١٨٩)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (٢٣٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن جر (١١/ ٤٥١).
(٣) انظر: "البدور السافرة في أحوال الآخرة" للسيوطي (ص: ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>