للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينوي أنه لا يريد قتله أم لا؟ فيه روايتان عن الإِمام أحمد، وذهبت طائفة إلى أن من أراد ماله أو دمه، أُبيح له قتلُه ابتداء، وقد دخل على ابن عمر لص، فقام إليه بالسيف صَلْتًا، فلولا أنهم حالوا بينه وبينه، لقتله، وسئل الحسنُ عن لصٍّ دخل بيت رجل ومعه حديدة، فقال: اقتله بأي قتلة قدرت عليه، فهؤلاء أباحوا قتله، وإن ولّى هاربًا من غير جناية، منهم: أبو أيوب السجستاني، وخرج الإِمام أحمد من حديث عبادة بن الصامت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدار حرمك، فمن دخل عليك حرمك، فاقتله" (١)، ولكن في إسناده ضعف.

ومنها: قتل الجاسوس المسلم إذا تجسس للكفار على المسلمين، وقد توقف فيه الإِمام أحمد، وأباح قتلَه طائفةٌ من أصحاب مالك، وابنُ عقيل من علمائنا، ومن المالكية من قال: إن تكرر ذلك منه، أُبيح قتله، واستدل من أباح قتله يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى أهل مكة يُخبرهم بسير النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، ويأمرهم بأخذ حذرهم، فاستأذن عمر في قتله، فقال: "إنه شهد بدرًا" (٢)، فلم يقل: إنه لم يبح دمه، فإنما علل بوجود مانع من قتله، وهو شهوده بدرًا، ومغفرةُ الله لأهل بدر، وهذا المانع منتفٍ في حق مَنْ بعده.

ومنها: ما أخرجه أبو داود في "المراسيل" من رواية ابن المسيب: أن


(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٥/ ٣٢٦)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٦/ ٢٥٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣٤١).
(٢) رواه البخاري (٢٨٤٥)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الجاسوس، ومسلم (٢٤٩٤)، كتاب: "فضائل الصحابة" باب: من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم -، وقصة حاطب بن أبي بلتعة، من حديث علي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>