للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ضرب أباه، فاقتلوه" (١)، وروي مسندًا من وجهٍ آخر لا يصح (٢).

فالجواب عن هذه الأحاديث المذكورة: أن منها ما لا يصح ولا يعرف به قائل معتبر، كهذا الحديث: "من ضرب أباه فاقتلوه"، وحديث قتل السارق في المرّة الخامسة، وباقي النصوص كلها يمكن ردّها إلى حديث ابن مسعود، وذلك أنه تضمن أنه لا يُباح دم المسلم إلا بإحدى ثلاث خصال: إما أن يترك دينه ويفارق جماعة المسلمين، وإما أن يزني وهو محصن، وإما أن يقتل نفسًا بغير حق.

يؤخذ منه أن قتل المسلم إنما يباح بإحدى ثلاثة أنواع: ترك الدين، وإراقة الدم المحرم، وانتهاك الفرج المحرم، فهذه الأنواع الثلاثة هي التي تبيح دم المسلم دون غيرها.

فأما انتهاك الفرج المحرم، فقد ذكر في الحديث أنه الزنى بعد الإحصان، وهذا -والله أعلم- على وجه المثال، فإن المحصَن قد تمت عليه النعمة بنيل الشهوة بالنكاح، فإذا أتاها بعد ذلك من فرجٍ محرمٍ عليه، أبيح دمه، وقد ينتفي شرط الإحصان ليخلفه شرط آخر، وهو كون الفرج لا يُستباح بحال، إما مطلقًا كاللواط، أو في حق الوطء كمن وطئ ذات محرم بعقد أو غيره، فهذا الوصف قد يكون قائما مقام الإحصان، وخلفًا عنه، وهذا محل النزاع بين العلماء.


(١) رواه أبو داود في "المراسيل" (٤٨٥)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٢/ ٣٨).
(٢) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٣٨/ ٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>