للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[والأحاديث دالّة على أنه يكون خلفًا عنه] (١)، ويكتفى به في إباحة الدم.

وأما سفك الدم الحرام، فهل يقوم مقامه إثارةُ الفتن المؤدية إلى سفك الدماء، كتفريق جماعة المسلمين، وشق العصا، والمبايعة لإمام ثان، ودلِّ الكفار على عورات المسلمين؟ هذا محل النزاع، وقد روي عن عمر ما يدل على إباحة القتل بمثل هذا، وكذا شهر السلاح لطلب القتل هل يقوم مقام القتل في إباحة الدم أم لا؟ فابن الزبير وعائشة - رضي الله عنهم - رأياه قائمًا مقام القتل الحقيقي في ذلك، وكذلك قطعُ الطريق بمجرده هل يبيح القتل أم لا؛ لأنه مظنة لسفك الدماء المحرمة؟

وقول الله -عزّ وجلّ-: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] يدل على أنه إنما يباح قتل النفس بشيئين:

أحدهما: بالنفس.

والثاني: بالفساد في الأرض.

ويدخل في الفساد في الأرض الخرابُ والردّة والزنى، فإن ذلك كله فسادٌ في الأرض، وكذلك تكررُ شرب الخمر والإصرارُ عليه هو مظنّة سفك الدماء المحرمة، وقد اجتمع رأي الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد عمر على حدّ السكران ثمانين (٢)، وجعلوا السكر مظنة الافتراء والقذف الموجب لجلد الثمانين، ولما قدم وفد عبد القيس على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونهاهم عن الأشربة والانتباذ في الظروف، قال: "إن أحدكم ليقوم إلى ابن عمه" يعني:


(١) ما بين معكوفين ساقطة من "ب".
(٢) رواه مسلم (١٧٠٧)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>