للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا شرب "فيضربه بالسيف"، وكان فيهم رجل قد أصابته جراحة من ذلك، فكان يَخْبَؤُها حياءً من النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، فهذا كله يرجع إلى إباحة الدم بالقتل إقامةً لمظان القتل مقامَ حقيقته.

لكن هل نسخ ذلك، أم حكمه باقٍ؟ محلّ نزاع بين العلماء.

وأما ترك الدين ومفارقةُ الجماعة، فمعناه: الارتداد عن دين الإِسلام، ومفارقة جماعة المسلمين، ولو أتى بالشهادتين، فلو سبّ الله أو رسوله، وهو مقرٌّ بالشهادتين، أبيح دمه؛ لأنه قد ترك بذلك دينه، وكذلك لو استهان بالمصحف، وألقاه في القاذورات، أو جحد ما يُعلَم من الدين بالضرورة، كالصلاة وما أشبه ذلك ممّا يخرج من الدين.

وهل يقوم مقام ذلك تركُ شيء من أركان الإِسلام الخمس؟ هذا ينبني على أنه هل يخرج من الدين بالكليّة بذلك أم لا؟ فمن رآه خروجًا عن الدين، كان عنده كترك الشهادتين وإنكارهما، ومن لم يره خروجًا عن الدين، فاختلفوا هل يلحق بتارك الدين في القتل، لكونه ترك أحد مباني الإِسلام، أم لا، لكونه لم يخرج عن الدين؟.

ومن هذا الباب ما قاله كثير من العلماء في قتل الداعية إلى البدع، فإنهم نظروا إلى أن ذلك شبيهٌ (٢) بالخروج عن الدين، وهو ذريعة ووسيلة إليه، فإن استخفى بذلك، ولم يَدْعُ غيرَه، كان حكمُه حكمَ المنافقين إذا استخفوا، وإذا دعا إلى ذلك، تغلّظ جرمُه بإفساد دين الأمّة، وقد صحّ عن


(١) رواه مسلم (١٨)، كتاب: الإيمان" باب: الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) في الأصل: "شبيهًا"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>