مالك بنِ النضر بنِ كنانة، فخرج إليها، فدخلها ليلًا، فصعد فيها ولطخ بالعذرة قِبلتَها، فبلغ ذلك أبرهةَ، فقال: من اجترأ عليّ؟ فقيل: صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت لما سمع الذي قلت، فحلف أبرهةُ عند ذلك ليسيرنَّ إلى الكعبة حتى يهدمها، فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك، وسأله أن يبعث إليه بفيله، وكان له فيل يقال له: محمود، وكان فيلًا لم يُر مثلُه، جسيمًا عظيمًا ذا قوة، فبعث به إليه، فخرج أبرهة في الحبشة سائرًا إلى مكة ومعه الفيل، فسمعت العرب بذلك، فأعظموه، ورأوا جهاده حقًا عليهم، فقاتلهم ملك من ملوك اليمن يقال له: ذو نفر بمن أطاعه من قومه، فهزمهم أبرهة، وأُخذ ذو نفر، فقال له: أيها الملك! لا تقتلني، فإن استبقائي خير لك من قتلي، فاستحياه، وأوثقه، وكان أبرهة رجلًا حليمًا، ثم سار حتى دنا من بلاد خثعم، فخرج نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم، ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن، فقاتلوه، فهزمهم، وأُخذ نفيل، فقال نفيل: أيها الملك! إني دليل بأرض العرب، فهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة، فاستبقاه، وخرج معه يديه، حتى إذا مر بالطائف، خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف، فقال: أيها الملك! نحن عبيدك، ليس لك عندي خلاف، إنما تريد البيت بمكة، نحن نبعث معك من يدلك عليه، فبعثوا معه أبا رغال مولَى لهم، فخرج حتى إذا كان بالمغمس، مات أبو رغال، وهو الذي يُرجم قبره، وبعث أبرهة من المغمس رجلًا من الحبشة يقال له: الأسود بن المقصور على مقدمة خيله، وأمره بالغارة على نَعَم الناس، فجمع الأسود إليه أموال الحرم، وأصاب لعبد المطلب مئتي بعير، ثم إن أبرهة بعث حباطة العميري إلى أهل مكة، فقال: سل عن شريفها، ثم أبلغه أني لم آتِ لقتال، إنما جئت لأهدمَ هذا البيت، فأنطلق