البساط، فجلس عليه، ثم دعاه وأجلسه معه، ثم قال لترجمانه: ما حاجتُك إلى الملك، فقال له الترجمان ذلك، فقال عبد المطلب: حاجتي إلى الملك أن يردّ إليَّ مئتي بعير أصابها لي، فقال أبرهة لترجمانه: قل له: لقد كنتَ أعجبتني حين رأيتُك، ولقد زهدتُ فيك، قال: لِمَ؟ قال: جئتُ لبيت هو دينك ودين آبائك، وهو شرفكم وعصمتكم لأهدمَه، لمْ تكلمْني فيه، وتكلمُني في مئتي بعير أصبتُها؟! قال عبد المطلب: أنا ربُّ هذه الإبل، ولهذا البيت ربّ سيمنعه [منك](١)، قال: ما كان ليمنعه مني، قال: فأنت وذاك، فأمر بإبله فردّت إليه، فلما ردّت الإبل إلى عبد المطلب، خرج فأخبر قريشًا الخبر، وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب، ويتحرزوا في رؤوس الجبال تخوفًا عليهم من معرّة الجيش، ففعلوا، وأتى عبدُ المطلب الكعبةَ، فأخذ بحلقة الباب، وجعل يقول:[من الرجز]
ثم إن عبد المطلب توجه مع قومه، وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول، وعبأ جيشه، وهيأ فيله، وكان فيلًا لم يُر مثلُه في العظم والقوة، ويقال: كان معه اثنا عشر فيلًا، فأقبل نفيل إلى الفيل الأعظم، فأخذ بأذنه وقال: ابرك محمود وارجع راشدًا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام، فبرك الفيل، فبعثوه فأبى، فضربوه بالمعول في رأسه فأبى، فأدخلوا محاجنهم تحت مراقه ومرافقه فنزعوه ليقوم فأبى، فوجهوه راجعًا إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق، ففعل مثل ذلك، وصرفوه إلى الحرم، فبرك وأبى أن يقوم،