للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشرفة (رسولَه) محمدًا - صلى الله عليه وسلم - (و) أصحابه (المؤمنين)، فلم يحبسهم عنها كما حبس الفيل وأصحابه؛ لأن مقصود أصحاب الفيل الفساد والإفساد، فهم محاربون لله ولبيته وأهله، ومقصود الرسول والمؤمنين استنقاذ بيته المعظّم من أيدي عبدة الأوثان والأصنام، وما كانوا يصنعون فيه وعليه من الأنصاب والأزلام، فالله -سبحانه وتعالى- أذن لرسوله، ولم يأذن

لغيره.

(وإنها) أي: مكة -زادها الله تشريفًا وتعظيمًا- (لم تحلَّ لأحد) من الخلق كان (قبلي ولا تحل لأحد) من الخلق يأتي من (بعدي، وإنما أحلت) مكة المشرفة (لي ساعة من نهار)، وكانت تلك المدةُ التي أُحلت له المعبر عنها بالسّاعة من صبيحة يوم الفتح إلى العصر كما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما (١) - كما تقدم عن صاحب "الهدي" -أيضًا-، وتقدم في كتاب: الحج مفصلًا.

(وإنها ساعتي هذه) التي أُحلت في ولمن أطلقْتُ سيفَه فيها بعد مقامي هذا (حرام)، أي: عادت حرامًا كما كانت، (لا يعُضد) -بضم أوله وفتح ما قبل آخره- مبنيًا لما لم يسمَّ فاعله، (شجرُها) -بالرفع-: نائب الفاعل؛ أي: لا يُقطع، يقال: عضدت الشجر أعضده عَضْدًا، فالعَضَد -بالتحريك-: المعضود، ومنه الحديث: "لوددتُ أني شجرةٌ تُعضد" (٢)،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الترمذي (٢٣١٢)، كتاب: الزهد، باب: في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا"، وقال: حسن غريب، وابن ماجه (٤١٩٠)، كتاب: الزهد، باب الحزن والبكاء، من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>