للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمدًا، ولا عبدًا، ولا صلحا، ولا اعترافا، روي عنه مرفوعًا وموقوفًا (١)، ولم يعرف له في الصحابة مخالف، فيكون إجماعًا، ولأن حمل العاقلة إنما ثبت في الخطأ، لكون الجاني معذورًا، تخفيفًا عنه، ومواساة له، والعامد غير المعذور، فلا يستحق المواساة ولا التخفيف، فلم يوجد فيه المقتضي، وبهذا فارق العمدَ الخطأ (٢).

وأما العبد، فوافق على عدم تحمل العاقلة له: الشعبيُّ، والثوريُّ، ومكحول، والنخعي، ومالك، والليث، وابن أبي ليلى، وإسحاق،

وأبو ثور.

وقال عطاء، والزهري، وحماد، وأبو حنيفة: تحمل العاقلة، وهو الأصح في مذهب الشافعي، قالوا: لأنه آدمي يجب بقتله القصاص والكفارة، فحملت العاقلة بدله، كالحر.

ووافقنا أبو حنيفة في دية أطرافه، فلم يحملها للعاقلة، وعند الشافعية: بلى، ولنا: على المذهب حديثُ ابن عباس المارُّ، ولأن الواجب فيه قيمتُه، وتختلف باختلاف صفاته، فلم تحمله العاقلة، كسائر القيم، ثم إن قياسه في مقابلة نص، فوجب طرحُه والاعتماد على النص (٣).

واختلف علماؤنا في الصلح، فقدم في "الشرح": أن معناه: أن يدعي عليه القتل، فينكره، ويصالح المدعي على مال، فلا تحمله العاقلة؛ لأنه مال ثبت بمصالحته واختياره، فلم تحمله العاقلة، كالذي ثبت باعترافه.


(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ١٠٤)، موقوفًا. ولم أقف عليه مرفوعًا، وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٤/ ٣١).
(٢) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٩/ ٦٥٣).
(٣) المرجع السابق، (٩/ ٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>