للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن ما دون ذلك تافه، لكون اليد لا تقطع به، بدليل قول عائشة - رضي الله عنها -: لا تقطع في الشيء التافه، وما دون ربع دينار لا قطعَ فيه، وهذا اختيار أبي بكر، وهو مذهب الشافعي، وعندهم: الغنيُّ: من ملك آخر السنة فاضلًا عن حاجته عشرين دينارًا، والمتوسط: من ملك دونها.

وقال أبو حنيفة: أكثر ما يُجعل على الواحد أربعةُ دراهم، وليس لأقله حَدٌّ؛ لأن ذلك يجب على سبيل المواساة للقرابة، فلم يتعذر أقله، كالنفقة، قال: ويسوى بين الغني والمتوسط لذلك (١).

الثالث: فيما تحمله العاقلة: قال علماؤنا: لا تحمل العاقلة عمدًا محضًا، ولو لم يجب فيه القصاص، كالجائفة، ولا عبدًا قتل عمدًا أو خطأ، ولا طرفه ولا جنايته، ولا قيمة دابة، ولا صلح إنكار، ولا تحمل اعترافًا، بأن يقرَّ على نفسه بجناية خطأ، أو شبه عمد توجب ثلث الدية فأكثر إن لم تصدقه العاقلة، ولا تحمل العاقلة ما دون ثلث الدية الكاملة، وهي دية الحر الذكر المسلم، إلا غرةَ جنين مات مع أمه بجناية واحدة، أو بعدَ موتها لا قبلها، لنقصه عن الثلث (٢).

أما ما يجب فيه القصاص، فلا خلاف بين العلماء أن العاقلة لا تحمله، وأكثر أهل العلم على أنها لا تحمل العمدَ بحال، وحُكي عن مالك: أنها تحمل الجنايات التي لا قصاص فيها، كالمأمومة والجائفة، وهذا قول قتادة؛ لأنها جناية لا قصاص فيها، فأشبهت جناية الخطأ.

ولنا: ما روى ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه قال: لا تحمل العاقلة


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٩/ ٦٥٨ - ٦٥٩).
(٢) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>