للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المجلس غيرَ مشترَط، لم يجز أن يحدَّهم؛ لجواز أن يكملوا برابع في مجلس آخر، ولأنه لو شهد ثلاثة، فحدهم، ثم جاء رابع، لم تقبل شهادته، ولولا اشتراط اتحاد المجلس، لكملت شهادتهم، وبهذا يفارق سائر الشهادات، فإن جاؤوا متفرقين واحدًا بعد واحد في مجلس واحد، قُبلت شهادتهم.

وقال مالك، وأبو حنيفة: إن جاؤوا متفرقين، فهم قذفة؛ لعدم اجتماعهم في مجيئهم، فلم تُقبل شهادتهم؛ كالذين لم يشهدوا في مجلس واحد.

ولنا قصة المغيرة بن شعبة؛ فإن الشهود جاؤوا واحدًا بعد واحد، وإنما حُدُّوا؛ لعدم كمالها في المجلس، وفي حديثه: أن أبا بكرة قال لعمر - رضي الله عنه -: أرأيتَ لو جاء آخر شهد، أكنت ترجمه؟ قال عمر: إي والذي نفسي بيده.

وقد روى صالحٌ بإسناده عن أبي عثمانَ النهديِّ، قال: جاء رجل إلى عمر، فشهد على المغيرة بن شعبة، فتغير لونُ عمرَ، ثم جاء آخرُ فشهدَ، فتغير لون عمر، ثم جاء آخرُ فشهد، فاستنكر ذلك عمرُ، ثم جاء شابٌّ يخطر بيديه، فقال عمر: ما عندك سلحَ العقاب؟! وصاح به عمر صيحة، فقال أبو عثمان: والله! لقد كدتُ يُغشى عليَّ، فقال: يا أمير المؤمنين! رأيت أمرًا قبيحًا، فقال: الحمد لله الذي لم يتشبث الشيطان بأصحاب محمد، قال: فأمر بأولئك النفر فجلدوا.

وفي رواية ابن عمر: لما شهد عنده على المغيرة، شهد ثلاثة، وبقي زياد، فقال عمر: أرى شابًا، وأرجو أَلَّا يفضح الله على لسانه رجلًا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا أمير المؤمنين! رأيت استًا تنبر، ونفسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>