للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا كان الحد رجمًا، لم يؤخر؛ لأنه لا فائدة فيه إذا كان قتله متحتمًا، وبمعتمد المذهب قال إسحاق، وأبو ثور؛ لأن عمر - رضي الله عنه - أقام الحد على قُدامة بنِ مظعون في مرضه (١)، ولم يؤخره، وانتشر ذلك في الصحابة، ولم ينكروه، فكان إجماعًا، ولأن الحد واجب على الفور، فلا يؤخر ما أوجبه الله تعالى بغير حجة.

وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: لا يقام عليه في مرضه، لحديث عليّ - رضي الله عنه - في الأَمَة التي كانت في نفاسها، رواه الإمام أحمد، ومسلم، وتقدَّم (٢).

وهو قول الخرقي من علمائنا.

وأجابوا عن إقامة عمرَ الحدَّ على قدامة باحتمال أنه كان مرضًا خفيفًا لا يمنع من إقامة الحد، ولهذا لم يُنقل عنه أنه خفف عنه في السوط، وإنما اختار له سوطًا وسطًا (٣) كالذي يضرب به الصحيحُ.

وأما إن كان مريضًا لا يرجى برؤه، فهذا يقام عليه الحد في الحال، ولا يؤخر، بسوط يؤمن معه التلف؛ كالقضيب الصغير، وشمراخ النخل، فإن خيف عليه من ذلك، جمع ضغثًا فيه مئة شمراخ، فضرب به ضربة واحدة، وبهذا قال الشافعي.

وأنكر مالك هذا، وقال: قال الله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، وهذا جلدة واحدة.

ولنا: ما روى أبو أمامةَ بنُ سهلِ بنِ حنيف، عن بعض أصحاب


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٧٠٧٦).
(٢) وتقدم تخريجه.
(٣) في "ب": "أوسطًا"، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>