الأول: ثبت بهذا الحديث ونحوِه الإحصانُ للذميين، وهي مسألة خلاف، فمعتمد مذهب الإمام أحمد، عدم اشتراط الإسلام في الإحصان، وبه قال الزهري، والشافعي، فيكون الذميان محصَنين، وإذا تزوج المسلم ذمية، فوطئها، صارا محصنين.
وفيه رواية أخرى عن الإمام أحمد: أن الذمية لا تحصن المسلم.
وقال عطاء، والنخعي، والشعبي، ومجاهد، والثوري: الإسلام شرط في الإحصان، فلا يكون الكافر محصنًا، ولا تحصن الذمية مسلمًا؛ لأن ابن عمر روى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أشرك بالله، فليس بمحصَن"(١)، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، إلا أن الذمية تحصِنُ المسلم عند مالك بناء على أصله في أنه لا يعتبر الكمال في الزوجين.
ولنا: هذا الحديث في قصة اليهوديين، ولأن الجناية بالزنا استوت من المسلم والذمي، فيجب أن يستويا في الحد، وحديثهم لم يصح، ولا يُعرف في مسنَد، وقيل: هو موقوف على ابن عمر، ثم على فرض ثبوته، يتعين حملُه على إحصان القذف؛ جمعًا بينه وبين الأحاديث الثابتة في "الصحيحين"، وغيرهما، ولاسيما وروايهما واحد، وحديثنا صريح في الرجم، فيتعين حملُ خبرهم على الإحصان الآخر.
فإن قيل: إنما رجم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - اليهوديين بحكم التوراة؛ بدليل أنه راجعها، فلما تبين له أن ذلك حكمُ الله عليهم، أقامه فيهم، وفيها أنزل الله
(١) رواه الدارقطني في "سننه" (٣/ ١٤٧)، ثم قال: والصواب موقوف، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢١٦).