للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} [المائدة: ٤٤].

فالجواب: إنما حكم عليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بما أنزل الله عليه؛ بدليل قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، ولأنه لا يسوغ للنبي - صلى الله عليه وسلم - الحكمُ بغير شريعته، ولو ساغ ذلك له، لساغ لغيره، وإنما راجعَ - صلى الله عليه وسلم - التوراة؛ لتعريفهم أن حكم التوراة موافقٌ لما يحكم به عليهم، وأنهم تاركون شريعتهم، مخالفون لحكمهم، ثم هذا حجة لنا؛ لأن حكم الله تعالى -في وجوب الرجم- إن كان ثابتًا في حقهم، يجب أن يحكم به عليهم، وقد ثبت وجود الإحصان فيهم، ولا معنى له سوى وجوب الرجم على من زنى منهم بعد وجود شروط الإحصان فيه، فإن منعوا ثبوتَ الحكم في حقهم، فلم حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح القياس على إحصان القذف؛ لأن من شروطه العفةَ، وليست شرطًا هاهنا (١).

الثاني: حدُّ اللواط، وهو عمل الفاحشة، ونسبته إلى قوم لوط؛ لأنه يعمل عملهم، وهم منسوبون إلى لوط النبي -عليه السلام-، وهو لوط بن هاران، وهارانُ أخو إبراهيم الخليل -عليه السلام-، وأما هاران أبو سارة فهو هاران الأكبر عمُّ إبراهيم -عليه السلام- كما برهن على ذلك ابن خلكان في "تاريخه" (٢).

وكان لقوم لوط صفات مذمومة، أشهرها وأقبحها إتيانُ الذكور في


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (١٠/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٢) انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (١/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>