للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال شيخ الإسلام: لم يختلف الصحابة -رضي الله عنهم- في قتله، وإنما اختلفوا في كيفية قتله، فعن بعضهم: أنه يُلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم، وقيل: يُحبسان في أنتنِ موضع حتى يموتا، وعن بعضهم: أنه يرفع على أعلى جدار في القرية، فيرمى منه، ويتبع بالحجارة؛ كما فعل الله بقوم لوط، قال: وهذه رواية عن ابن عباس، والرواية الأخرى قال: يرجم.

قال شيخ الإسلام: وعلى هذا أكثرُ السلف، قالوا: لأن الله رجم قومَ لوط، وشرع رجم الزاني تشبيهًا برجم قوم لوط، فيرجم الاثنان، سواء كانا حرين، أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوكًا، والآخر حرًا، إذا كانا بالغين، فإن كان أحدهما غير بالغ، عوقب بما دون القتل، ولا يرجم إلا البالغ، انتهى (١).

وقال ابن القيم في كتابه "الطرق الحكمية": هو -أي: اللواط- أولى بالحد من الزنا، فإنه وطء فرج لا يستباح بحال، والداعي إليه قويٌّ، فهو أولى بوجوب الحد، فيكون نصابه -يعني: من جهة ثبوته- نصابَ الزنا.

واكتفى أبو حنيفة، وأبو محمد بن حزم بشاهدين (٢).

وقال في كتابه "إغاثة اللهفان": اعلم أن الإمام مالكًا من أشد الناس، بل أشدّهم في هذا الباب، حتى إنه يوجب قتل اللوطي حدًا، بكرًا كان أو ثيبًا، قال: وقوله في ذلك هو أصح المذاهب كما دلت عليه النصوص، واتفقت عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن اختلفت أقوالهم في كيفية قتله، وما نسب إلى الإمام مالك من جواز وطء الرجل امرأته في دبرها هو كذبٌ


(١) انظر: "السياسة الشرعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: ٨٨).
(٢) انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>