للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرةً (١)، قال الحافظ المنذري: رواته ثقات (٢)، وروى نحوه الإمام أحمدُ بإسناد صحيح من حديث ابن عباس، وكذا ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (٣).

وأما الإجماع: فأجمعت الأمة على تحريمه، وإن ما حكي عن قدامة بن مظعون، وعمرو بن معدي كرب، وأبي جندل بن سهل: أنهم قالوا: هي حلال، فبين لهم علماء الصحابة معنى هذه الآية، وتحريمَ الخمر، وأقاموا عليهم الحدَّ لشربهم إياه، فرجعوا إلى ذلك، فانعقد الإجماع على التحريم، فمن استحلها الآن، فقد كذب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قد عُلِمَ ضرورة من جهة النقل تحريمُه، فيكفر مستحلُّه، ويُستتاب، فإن تاب، وإلا قتل.

روى الجوزجاني بإسناده عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن قدامةَ بنَ مظعون شرب الخمر، فقال له عمر: ما حملك على ذلك؟ فقال: إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣]؛ وإني من المهاجرين الأولين من أهل بدر وأُحد، فقال عمر للقوم: أجيبوا الرجل، فسكتوا عنه، فقال لابن عباس أجبه، فقال: إنما أنزلها الله تعالى عذرًا للماضين لمن شربها قبل أن تُحَرَّم، وأنزل: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] حجةً على الناس، ثم سأل عمرُ عن الحدِّ فيها، فقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: إذا شرب هَذى، وإذا هذى افترى، فاجلدوه ثمانين، فجلده عمر ثمانين.


(١) رواه الترمذي (١٢٩٥)، كتاب: البيوع، باب: النهي أن يتخذ الخمر خلًا، وابن ماجه (٣٣٨١)، كتاب: الأشربة، باب: لعنت الخمر على عشرة أوجه.
(٢) انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (٣/ ١٧٥).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣١٦)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٣٥٦)، والحاكم في "المستدرك" (٢٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>