للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يعتبر له اتصال، ولا أن ينويه قبل تمام المستثنى منه، واحتج بعدة أحاديث، منها: الحديث المذكور الذي نحن بصدده، ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأغزونَّ قريشًا"، قاله ثلاثًا، ثم سكت، ثم قال: "إن شاء الله"، ثم لم يغزهم (١).

وفي "الفروع": قال الإمام أحمد: قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: إذا استثنى بعد سنة، فله ثنياه، [و] (٢) ليس هو في الأيمان، إنما تأويله قول الله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] فهذا استثناء من الكذب؛ لأن الكذب ليس فيه كفارة، وهو أشد من اليمين؛ لأن اليمين تكفَّر، والكذب لا يكفَّر.

وقال ابن الجوزي: فائدة الاستثناء خروجه من الكذب، قال موسى: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: ٦٩]، ولم يصبر، فسلم منه بالاستثناء (٣).

وقد استدل من قال بعدم اعتبار نية الاستثناء قبل فراغه من المستثنى منه بهذا الحديث، فقال: الاستثناء إذا عقبَ اليمين، ولو تخلل بينهما شيء [و (٤)] لا يضر؛ فإنه دل على أن سليمان -عليه السلام- لو قال: إن شاء الله عقب قول الملك له: قل: إن شاء الله، لنفعه ذلك، مع أنه تخلل بين كلاميه كلامُ الملَك.


(١) رواه أبو داود (٣٢٨٥)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: الاستثناء في اليمين بعد السكوت، وابن حبان في "صحيحه" (٤٣٤٣)، وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٢) [و] ساقطة من "ب".
(٣) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٦/ ٣٠٩).
(٤) كذا في "ب"، والصواب حذف الواو، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>