للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجاب القرطبي باحتمال أن يكون الملَك قال ذلك في أثناء كلام سليمان (١)، وهو ممكن.

وفي الحديث: دليل على اعتبار كون الاستثناء باللفظ دون النية، وهو متفق عليه إلا ما حكي عن بعض المالكية.

وفيه: ما خُص به الأنبياء -عليهم السلام- من القوة على الجماع الدالِّ ذلك على صحة البنية وقوة الفحولية وكمال الرجولية، مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، وقد وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أبلغُ معجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق، مع كونه - صلى الله عليه وسلم - متقلِّلًا من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن وقلة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد، وهن إحدى عشرة امرأة، ويقال: إن كلَّ من كان أَتقى لله تكون شهوته أشدَّ؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه.

وأبعدَ من استدلَّ بالحديث على جواز الحلف مع غلبة الظن مع وجود القرينة المقوية لذلك.

وفيه: جواز السهو على الأنبياء -عليهم السلام-، وأن ذلك لا يقدح في مراتبهم العلية.

وفيه: جواز إضمار المقسَم به في اليمين، لقوله: "لأطوفَنَّ"، مع قوله -عليه السلام-: "لم يحنث"، فدل على أن اسم الله فيه مقدَّر، فمن قال بجواز ذلك، فالحديث حجة له (٢).


(١) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ٦٣٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٦/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>