للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عن) أم المؤمنين (عائشة) الصدّيقة (-رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أحدث)؛ أي: اخترع (في أمرنا هذا)؛ أي: ديننا وشرعنا الذي شرعه الله -تعالى- (ما ليس منه)؛ أي: من جاء في هذا الدين بما لا يشهد له أصل من أصوله، فلا يلتفت إليه.

وفي لفظ: "من أحدث في ديننا ما ليس فيه" (١)، فكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس هو من الدين في شيء (فهو)؛ أي: ذلك المحدَث (ردّ)؛ أي: مردود على صاحبه، من إطلاق المصدر على اسم المفعول؛ مثل الخلق بمعنى المخلوق، فكأنه قال: فهو باطل، وغير معتد به.

(وفي لفظ) لمسلم: (من عمل عملًا) سواء كان ذلك العمل من العبادات أو المعاملات (ليس عليه)؛ أي: على ذلك العمل (أمرُنا) فيه إشارة إلى أن أعمال العاملين كلهم ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة، وتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها.

فمن كان عمله جاريًا تحت أحكام الشرع، موافقًا له، فهو مقبول، ومن كان خارجًا عن ذلك، (فهو رد) أي: مردود على عامله.

قال الحافظ ابن رجب: هذا الحديث أصلٌ عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث: "إنما الأعمال


(١) كذا ذكره الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص: ٥٩)، وعنه نقل الشارح -رحمه الله-، ولم أقف عليه بهذا اللفظ إلا ما رأيته في "الأحكام" للحافظ الإشبيلي؛ إذ ذكر في رواية: "من أدخل في ديننا ما ليس منه، فهو رد"، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>