للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه القاعدة غير مطردة (١).

والمقصود من إيراد هذا الحديث في هذا الباب: أن حكم الحاكم يزول به الشيء عن حقيقته في الباطن، فلو حكم لمن يعلم أنه لا حقَّ له فيما حكم له به، لم يجز له تناولُه، ولا شيء منه، ولو حكم له بنكاح من يعلم أنَّها ليست بزوجة له، لم يبح له وطؤها، وهلمَّ جَرًّا.

فحكم الحاكم ظاهرًا لا يغير ما في الباطن مما هو عليه من إباحة وحظر، وهذا مذهب الثلاثة.

قال الإمام أبو المظفر بن هبيرة: قال مالك، والشافعي، وأحمد: الحاكم لا ينفذ حكمه إذا حكم في الشيء مما هو الباطن على خلاف ما حكم في الباطن، ولا يحل حكمه في الشيء المحكوم فيه عما هو عليه، سواء كان ذلك في مال أو نكاح أو طلاق، أو مما يملك الحاكم ابتداءه وإنشاءه، أو مما لا يملكه على الإطلاق.

وقال أبو حنيفة: إن كان المحكوم فيه مما يتيقن الحكم [فيه]، ينفذ فيه ظاهرًا وباطنًا (٢)، انتهى.

وفي "الفروع": حكم الحاكم لا يُحيل الشيء عن صفته باطنًا، وعنه: بلى في مختلف فيه قبل الحكم، قطعَ به في "الواضح" وغيره (٣).

وقال في موضع آخر: مَنْ حكم له ببينة زور بزوجيّة امرأة، حلت له حكمًا، فإن وطىء مع العلم، فكزِنًا، وإن حكم بطلاقها بزور، فزوجته


(١) انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ٥٩ - ٦٢).
(٢) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
(٣) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٦/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>