للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي أبو يعلى هذه الرواية عن الإمام أحمد، لكنه حملها على الدعوى على الغائب، والصبي، وهذا الحمل لا يصحّ؛ لأن عليًا إنما حلّف المدَّعيَ مع بينته على الحاضر معه، وهؤلاء يقولون: هذه اليمينُ لتقوية الدعوى إذا ضعفت باسترابة الشهود؛ كاليمين مع الشاهد الواحد. وقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في المرأة الشاهدة على الرضاع: إنَّها تُستحلف، وأخذ به الإمام أحمد كما في رواية عنه (١).

تنبيه:

ظاهر الحديث: أن اليمين تتوجَّه على كلِّ من ادُّعي عليه بحق، وهذا قول جمهور الأئمة وسلف الأمة، ولا فرق بين أن يكون بين المدعي والمدعى عليه اختلاط أو لا.

وقال الإمام مالك، وجمهور أصحابه، والفقهاءُ السبعة فقهاءُ المدينة: إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة؛ لئلا يَبتذِل السفهاءُ أهلَ الفضل بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد، فاشترطت الخلطةُ دفعًا لهذه المفسدة.

واختلفوا في تفسير الخلطة، فقيل: هي معرفته بمعاملته ومداينته بشاهد أو شاهدين، وقيل: تكفي الشهرة، وقيل: هي أن تليق به الدعوى بمثلها على مثله، وقيل: أن يليق به أن يعامله بمثلها، ذكره العلقمي في "شرح الجامع الصغير" (٢)، وذكره -أيضًا- الحافظُ ابنُ رجب في "شرح الأربعين"، وعبارته: قال مالك: إنما تجب اليمين على المنكِر إذا كان بين


(١) المرجع السابق، (ص: ٣١٦).
(٢) وانظر: "شرح مسلم" للنووي (١٢/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>