وإنما يعلمها العلماء بنص، أو قياس، أو غيرهما من الأدلة، وهم بالنسبة لمن لا يعلمها قليل، فأكثرُ الناس أو كثير منهم تشتبه عليه، هل هي من الحلال، أم من الحرام؟ وأما الراسخون في العلم، فلا يشتبه عليهم ذلك، ويعلمون بالأدلة من أيِّ القسمين هي.
والحاصل: أنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- قسم الأشياء إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الحلال المحض، مثل: أكل الطيبات من الزروع والثمار وبهيمة الأنعام، ولباس ما يحتاج إليه من القطن والكتان والصوف والشعر، وكالنكاح والتسري، وغير ذلك، إذا كان اكتسابه بعقد صحيح؛ كالبيع، أو بميراث، أو هبة، أو غنيمة.
الثاني: الحرام المحض؛ كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير، وشرب الخمر، ونكاح المحارم، ولباس الحرير للرجال، ومثل الأكساب المحرمة؛ كالربا والميسر، وثمن ما لا يحل، وأخذ الأموال المغصوبة بسرقة أو غصب، ونحو ذلك.
الثالث: المُشْتَبه؛ كأكل ما اختُلف في حله وتحريمه، إما من الأعيان؛ كالخيل والبغال والحمير والضب، وشرب ما اختُلف في تحريمه من الأنبذة التي لا يُسكر قليلها، ولُبسِ ما اختُلف في لبسه من جلود السباع ونحوها، وكذا ما استُفيد من المكاسب المختلَف في تحريمها؛ كمسألتي العينة والتورق، ونحو ذلك.
وبنحو هذا المعنى فسر المشتبهات سيدُنا الإمام أحمد، وإسحاقُ بن راهويه، وغيرُهما من الأئمة (١).