فأجمع العلماء على حله أو حرمته، وقد يخفى على بعض مَنْ ليس منهم.
ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة، فاختلفوا في تحليله وتحريمه، وذلك لأسباب:
منها: كون النص عليه خفيًا لم ينقله إلا قليل من الناس، فلم يبلغ جميعَ حملة العلم.
ومنها: أنه قد يُنقل فيه نصان، أحدُهما بالتحليل، والآخر بالتحريم، فيبلغ كلَّ طائفة أحدُ النصين دون الآخر، فتمسَّكَ كلُّ طائفة بما بلغها، أو يبلغ النصان معًا من لا يبلغه التاريخ، فيقف؛ لعدم معرفته بالناسخ.
ومنها: ما ليس فيه نصٌّ صريح، وإنما يؤخذ من عموم، أو مفهوم، أو قياس، فتختلف أفهامُ العلماء في هذا كثيرًا.
ومنها: ما يكون فيه أمر أو نهي، فتختلف العلماء في حمل الأمر على الوجوب، أو الندب، وفي حمل النهي على التحريم، أو التنزيه (١).
وأسباب الاختلاف كثيرة جدًا، وقد ذكر جميعها أو مجموعها شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- في كتابه:"رفع الملام عن أئمة الإسلام".
قال الحافظ ابن رجب: ولابدّ من عالم في الأمة يوافقُ قولُه الحقَّ، فيكونُ هو العالمَ بهذا الحكم، وغيرُه يكون الأمر مشتبهًا عليه، فلا يكون عالمًا بهذا؛ فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا يظهر أهلُ باطلها على أهل حقها، فلا يكون الحق مهجورًا غيرَ معمول به في جميع الأمصار والأعصار، ولهذا قال -عليه السلام- في الشبهات: "لا يعلمهنَّ كثيرٌ من