كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام

[باب] - الحديث الأول - ج: 6 - ص: 511

محبة الله، ومحبةُ ما يحبه، وخشيةُ الله، وخشية الوقوع فيما يكرهه، صَلَحت حركات الجوارح كلِّها، ونشأ عن ذلك اجتنابُ المحرمات كلِّها، وتوقّي الشبهاتِ حذرًا من الوقوع في المحرمات، وإن كان القلب فاسدًا قد استولى عليه اتباعُ هواه، وطلبُ ما يحبه، ولو كرهه الله، فسدت حركاتُ الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والشبهات بحسب هوى القلب، ولهذا يقال: القلبُ ملك الأعضاء، وبقيةُ الأعضاء جنوده، وهم مع هذا جنود طائعون، منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره، لا يخالفونه في شيء من ذلك، فإن كان الملِكُ صالحًا، كانت هذه الجنود صالحة، وإن كان فاسدًا، كانت جنوده بهذه المثابة فاسدة، ولا ينفع عند الله إلا القلبُ السليم كما قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩]، وكان من دعائه -عليه السلام-: "أسألك قلبًا سليمًا" (١)، فالقلب السليم هو السالم من الآفات والمكروهاتِ كلِّها، وهو الذي ليس فيه سوى محبةِ الله، وما يحبُّه الله، وخشيةُ الله، وخشيةُ ما يباعد منه، والله الموفق (٢).

---

(١) رواه النسائي (١٣٠٤)، كتاب: السهو، باب: نوع آخر من الدعاء، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٢٣).
(٢) وانظر: "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" للشارح -رحمه الله- (١/ ٣٢) وما بعدها، حيث ذكر هناك ما قاله هنا عن القلب، والله الموفق.