للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوية عند البخاري، وقد صحح البخاري بعضها، وأخرج أبو داود من حديث عبد الرحمن بن حسنة: نزلنا أرضًا كثيرة الضباب، الحديث، وفيه: أنهم طبخوا منها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أمّةً من بني إسرائيل مُسخت دَوابَّ في الأرض، فأخشى أن تكون هذه، فألقوها" أخرجه الإمام أحمد، وصححه ابن حبان، والطحاوي (١)، وسنده على شرط الشيخين، إلا الضحاك، فلم يخرجا له، وللطحاوي من وجه آخر: فقيل له - صلى الله عليه وسلم -: إن الناس قدم اشتووها وأكلوها، فلم يأكلْ، ولم ينهَ عنه (٢).

والأحاديث الماضية، وإن دلت على الحل تصريحًا وتلويحًا، نصًا [و] تقريرًا، فالجمع بينها وبين هذا حَمْلُ النهي فيه على أول الحال عند تجويز أن يكون مما مُسخ، وحينئذ أمر بإكفاء القدور، ثم توقف، فلم يأمر به، ولم ينه عنه، وحمل الإذن فيه على ثاني الحال، لما علم أن الممسوخ لا نسلَ له، ثم بعد ذلك كان يستقذره، فلا يأكله، ولا يحرمه، وأُكِل على مائدته، فدل على الإباحة، وتكون الكراهة للتنزيه في حق من يتقذره، وتحمل أحاديث الإباحة على من لا يتقذره، ولا يلزم من ذلك أنه يُكره مطلقًا.

وفي "مسلم" عن يزيد بن الأصم، قال: دعانا عروس بالمدينة، فقرب إلينا ثلاثة عشر ضبًا، فآكلٌ وتاركٌ، فلقيت ابنَ عباس من الغد، فأخبرته، فأكثر القوم حوله، حتى قال بعضهم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا آكلُه، ولا أنهى عنه، ولا أحرمه".


(١) رواه أبو داود (٣٧٩٥)، كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الضب، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٩٦)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٢٦٦)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٩٧).
(٢) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>