للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال ابن عباس: بئس ما قلتم، ما بُعث نبي إلا محرِّمًا أو محللًا (١).

وفي الحديث زيادة لفظة سقطت من رواية مسلم عند أبي بكر بن أبي شيبة، وهو شيخ مسلم، ولفظه في "مسنده" بالسند الذي ساقه مسلم: "لا آكله، ولا أنهى عنه، ولا أُحله، ولا أُحرمه" (٢)، وكأن مسلمًا حذفها عمدًا؛ لشذوذها؛ لأن ذلك لم يقع في شيء من الطرق، لا في حديث ابن عباس، ولا غيره، وأشهرُ من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا آكله ولا أحرمه" ابنُ عمر، وليس في حديثه: "ولا أحله"، بل جاء التصريح عنه بأنه حلال.

وبعدما ساق الطحاوي الأحاديث المشعرة بكراهة أكله، قال: إنه لا بأس بأكل الضب، وبه أقول (٣).

واختلف في الكراهة عند الحنفية لأكل الضب، هل هي للتنزيه، أو للتحريم؟ المعروفُ عند أكثرهم أنها للتنزيه، وجنح بعضهم إلى التحريم (٤).

والحاصل: أن الصحيح المعتمد: طيبُ أكلِ الضب وحلُّه من غير كراهة، والله أعلم.

وفي الحديث: دليلٌ على جواز الأكل من بيت القريب، والصهر، والصديق، وكأن خالدًا ومن وافقه في الأكل أرادوا جبر قلب التي أهدته، أو لتحقق حكم الحل، أو لامتثال قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلوا"، ومن لم يأكل، فَهِمَ أن الأمر فيه للإباحة.


(١) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٩٤٨).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٤٣٤٨).
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٤/ ٢٠٢).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٦٦٦ - ٦٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>