(و) أما ما ذكرت من صيدك بقوسك وكلبك، فـ (ما صدت بقوسك، فذكرت اسم الله عليه)؛ بأن تقول عند إطلاق السهم من القوس: باسم الله، (فكل). تمسَّك به علماؤنا ومَنْ وافقهم في إيجاب التسمية على الصيد بالقوس، وكذا بالكلب؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ثعلبة:(وما صدت بكلبك المعلم)، ويأتي محترزه في الحديث، (فذكرت اسم الله عليه)؛ بأن تبسمل، (فكل)، والعلماء مجمعون على مشروعيتها، إلا أنهم اختلفوا في كونها شرطًا في حل الأكل.
فمعتمد مذهب الإمام أحمد على الراجح في مذهبه الذي لا يفتى بغيره، وهو مذهب أبي ثور وطائفة: أنها واجبة؛ يعني: لا تسقط عمدًا ولا سهوًا ولا جهلًا، فمن تركها عند إرخاء الآلة إلى الصيد، فوجد المصيدَ ميتًا، فهو ميتة لا يحل أكله؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعلها شرطًا في الحديث، ولأن الأصل تحريم الميتة، إلا ما أذن الشارع فيه منها، وما أذن فيه منها، يراعي صفته، فالمسمى عليها وافق الوصف، وغير المسمى باقٍ على أصل التحريم.
وذهب الشّافعيّ وطائفة، وهو رواية عن مالك وأحمد: إلى أنها سنّة، فمن تركها سهوًا أو عمدًا، لم يقدح في حل الأكل.
وذهب أبو حنيفة، ومالك، والثوري، وجمهور العلماء: إلى الجواز لمن تركها سهوًا لا عمدًا.