للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) أبي عبدِ الرحمن (عبدِ الله بنِ عمرَ) بنِ الخطاب (-رضي الله عنهما-: أن) أباه أميرَ المؤمنين (عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - قال) وهو يخطب (على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، فكان من جملة ما خطب به النَّاسَ أَنْ قال: (أما بعد: أيُّها النَّاس! إنه)؛ أي: الشأن والأمر قد (نزل)، وعند البيهقي: فحَمِدَ الله وأثنى عليه (١)، ثم قال: إنه قد نزل (تحريمُ الخمر) يومَ نزل، (وهي) تصنع (من خمسة) أشياءَ كما في لفظٍ لمسلم (٢)، والجملة حالية؛ أي: نزل تحريمُ الخمر في حال كونها تُصنع من خمسة، والمراد: أن الخمر تُصنع من هذه الأشياء؛ لأنَّ ذلك مختص بوقت نزولها، ثم بيّن الخمسةَ، وبدأ بأشهرها وأكثرها، فقال: (من العنب) المعروفِ.

وقد أورد هذا الحديث أصحابُ المسانيد والأبواب في الأحاديث المرفوعة؛ لأنَّه له عندهم حكمُ الرفع، لأنَّه خبر صحابيٍّ شهدَ التنزيل، أخبر عن سبب نزول، وقد خطب به عمر - رضي الله عنه - على المنبر بحضرة كبار الصحابة وغيرهم، فلم يُنقل عن أحد منهم إنكارُه.

وأراد عمر - رضي الله عنه - بنزول تحريم الخمر: آيةَ المائدة، وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} [المائدة: ٩٠] إلى آخرها، فنبه على أن المراد بالخمر في هذه الآية الكريمة ليس خاصًا بالمتخذ من العنب، بل تناول المتخذَ من غيرها.

ويوافقه حديثُ أنس - رضي الله عنه -، قال: حُرِّمَتْ علينا الخمرُ حينما


(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٨٨).
(٢) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (٣٠٣٢/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>