وذكر الحافظ الدمياطي في "سيرته" جازمًا به بأن تحريم الخمر كان سنة الحديبية، والحديبيةُ كانت في السادسة.
وذكر ابن إسحاق: أنه كان في وقعة بني النضير، وهي بعد أُحُد، وذلك سنة أربع على الراجح، ونظر فيه في "الفتح" بأن أنسًا كان هو الساقي يوم حرمت، وأنه لما سمع المنادي بتحريمها، بادرَ فأراقها، فلو كان ذلك سنة أربع، لكان أنس يصغر عن ذلك، كذا قال (١).
قلت: كان سنه إذ ذاك أربع عشرة سنة، وصاحب هذا السن، ولاسيما مع مداخلته الرسول، وخدمته له، وما لَهُ من التمييز على غيره بذلك لِما يكتب ويستفيد من العلم والحكم، لا يصغُر عن ذلك.
فائدة:
قال أبو بكر الرازي في "أحكام القرآن": يستفاد تحريمُ الخمر من آية المائدة من تسميتها رجسًا، وقد سمي به ما أُجمع على تحريمه، وهو لحم الخنزير.
ومن قوله:{مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}[المائدة: ٩٠]؛ لأنَّ مهما كان من عمل الشيطان، حرم تناوله.
ومن الأمر بالاجتناب، وهو للوجوب، وما وجب اجتنابُه، حرمَ تناولُه.
ومن الفلاح المرتب على الاجتناب.
ومن كون الشرب سببًا للعداوة والبغضاء للمؤمنين، وتعاطي ما يوقع ذلك حرام.