للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "المطالع": الزجر: النهيُ حيث وقع (١).

وفي رواية لهما: فصاح به الناس.

وفي أخرى: فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ. أي: اكفُفْ اكفُفْ.

وفي لفظ للبخاري: فتناوله الناس (٢)، (فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -) عن زجره والصياح به.

وفي حديث أنس كما هو عندهما في رواية: فقام إليه بعض القوم، فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه، لا تُزْرِمُوه" (٣)، أي: لا تقطعوا عليه بوله.

وفيه: المبادرة إلى إنكار المنكر عند من يعتقده منكراً، وتنزيهُ المسجد عن النجاسات وسائر القاذورات.

وإنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن زجره؛ لأنه إذا قطع عليه البول، أدى إلى ضرر جسده، والمفسدة التي حصلت ببوله قد وقعت، فلا يُضم إليها مفسدةٌ أخرى، وهي ضررُ بنيته، وربما إذا زُجر مع ما ظهر منه من الجهل، يتنجس ببوله مكانٌ آخر، بل أمكنةٌ من المسجد بترشيش البول؛ لقلة فقهه ومبالاته بما يصدر منه من الجفاء، وعدم اكتراثه بآداب الشرع وحرمة المسجد، فكان الصواب ما شرعه - صلى الله عليه وسلم -، وأرشد إليه من عدم زجره،؛ بأن يُترك حتى يفرغ من بوله؛ فإن الرشاش لا ينتشر، مع ما في هذا من الإبانة عن جميل أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعظيم رحمته، ولطفه، ورفقة بالجاهل الجافي.

فلما نهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن زجره، انكفُّوا وانتهَوْا عن ذلك؛ امتثالاً له - صلى الله عليه وسلم -، واستمر الأعرابي على حاله.


(١) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٠٩).
(٢) تقدم تخريج هذه الروايات في حديث الباب.
(٣) تقدم تخريجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>