للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتقصير في النُّسْك، فحلق رأسه كلَّه، وقَصَّر من لحيته؛ ليدخل في عموم قوله - تعالى -: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧]. وخص ذلك من عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفِّروا اللِّحى"، فحمله على غير حالة النسك.

قال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر: أن ابن عمر يحملُ الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه؛ فقد قال الطبري: ذهب قومٌ إلى ظاهر الحديث، فكرهوا تناول شيءٍ من طولها ومن عرضها. وقال قومٌ: إذا زاد على القبضة، يُؤْخَذُ الزائد. ثم ذكر خبرَ ابن عمر، وكذلك عمر فعله برجل، ومن طريق أبي هريرة أنه فعله.

وأخرج أبو داود من حديث جابر بسندٍ حسنٍ، قال: كنا نعفِّي السِّبَال إلا في حَجٍّ أو عمرةٍ (١).

فقوله: نُعَفِّي -بضم أوله وتشديد الفاء-؛ أي: نتركه وافراً.

وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر؛ فإن السِّبال -بكسر المهملة وتخفيف الموحدة- جمعُ سَبَلَة -بفتحتين-: هي ما طال من شعر اللحية، كما في "الفتح" (٢).

فأشار جابر إلى أنهم كانوا يقصِّرون منها في النسك.

وقال الحسن البصري: يؤخذ من طول اللحية وعرضها ما لم يفحش. ونحوه عن عطاء.

وحملوا النهي على صنع ما كانت الأعاجم تفعله.


(١) رواه أبو داود (٤٢٠١)، كتاب: الترجل، باب: في أخذ الشارب، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٥/ ٣٠٢).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>