للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ظاهره الرفع؛ لأن عثمان أفتاه بذلك، وحدثه به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالمسألة تقتضي أنهم أيضاً أفتوه وحدثوه.

وقد صرح بذلك الإسماعيلي في رواية له، ولفظه: فقالوا مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الإسماعيلي: لم يقل ذلك غيرُ الحمّاني، وليس هو من شرط البخاري. وقد حكى الأثرمُ عن الإمام أحمد - رضي الله عنه -: أن حديث زيد بن خالد المذكورَ في هذا الباب معلولٌ؛ لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث، وكذا حكى يعقوب بن أبي شيبة عن عليِّ بن المديني أنه شاذ.

والجواب عن ذلك:

أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده، وحفظِ رواته، ولعل فتواهم بخلافه، لثبوت ناسخِه عندهم، فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخٍ وهو صحيح من حيث الصناعةُ الحديثيةُ!

وقد ذهب جمهورُ الأمة وأكثرُ الأئمة [إلى] أن ما دل عليه حديث الباب بالاكتفاء بالوضوء إذا لم ينزل المجامعُ منسوخٌ بما دل عليه حديثُ أبي هريرة وعائشةَ المذكورَين قبله.

والدليل على النسخ: ما رواه الإمام أحمد، وغيره، من طريق الزهري، عن سهل بن سعد، حدثني أُبيُّ بنُ كعبٍ: أن الفتيا التي كانوا يقولون: الماء من الماء، رُخصة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصها في أول الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعدُ. صححه ابنُ خزيمة، وابن حبان، وقال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري. ورواه أبو داود، وابن خزيمة، وذكره الترمذي (١).


(١) رواه أبو داود (٢١٥)، كتاب: الطهارة، باب: في الإكسال، والترمذي (١١٠)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>